تأثير المسلسلات التلفزيونية يخرج عن السيطرة
سكاكين «أبو شهاب» في أيدي الطلاب
عاد الطلاب الى مدارسهم بعد اجازة طويلة قضوها هنا وهناك ومع عودتهم للمدرسة وبدايتهم لعام دراسي جديد عادوا وهم يحملون في طياتهم الكثير من الاحداث والمواقف التي شدت انتباههم اثناء فترة اجازتهم وحيث ان المدارس هي ارض خصبة لجميع من لديه أي حدث او ظاهرة يريد ان ينشرها في المجتمع فالوقت الذي يمضيه الطلبة فيما بينهم كاف بنقل الكثير من العادات والسلوكيات بينهم.
وحيث ان الطلاب ما زالوا قريبي عهد بالعديد من المسلسلات الرمضانية والتي بلغ مجموعها اكثر من 140 مسلسلا عرضت على المشاهدين من خلال هذه الشاشة الصغيرة وقد كان لهذه المسلسلات اثر كبير على المشاهدين وذلك من خلال تقليد شخصيات هذه المسلسلات وبعض عاداتهم ولباسهم وطريقة حديثهم وحركاتهم.
وفي الاسبوع الاول من بداية العام الدراسي والذي عاش فيها الكثير من طلبة المدارس حالة من الفوضى وعدم الانضباط جرى نقص في اعداد المعلمين وتوزيع الطلاب وغيرها من الامور ظهر في هذه المدارس اثر هذه المسلسلات من خلال حركات وسلوكيات الطلبة التي اجبرتهم على عدم استعدادات المدارس الكافية لاستقبالهم وضبطهم.
ففي احدى المدارس الابتدائية كان لأثر مسلسل «باب الحارة» تواجد ملحوظ لدى العديد من الطلبة والذين تقمصوا شخصياتها حيث تلقى الطالب سالم في الصف الرابع لكمة من زميله محمد بعد مشادة وحوار قصير بينهما حول قضية ما، وبعد السمع منهم عن هذا الشجار وما هو الدافع في ذلك تبين منهما ان الدافع هو التشبه بشخصية (العقيد ابوشهاب) في مسلسل باب الحارة الذي عرض مؤخرا خلال شهر رمضان المبارك.
وليس سالم او محمد هما الطالبين الوحيدين اللذين كانا ضحية هذا التقمص بل هناك العديد من الطلاب الذكور على وجه التحديد يقومون بتقمص شخصيات ابطال بعض المسلسلات مثل باب الحارة والتنديل وعيون عليا ولاهوب والفطين والمسلسلات التركية وخاصة مسلسل (نور ومهند) الذي انتهى عرضهما قبل رمضان.
اما في المدارس الثانوية بالذات فقد كان لتأثير المسلسلات البدوية اثر كبير على ظاهرة اطالة الشعور، فمسلسل «صراع على الرمال» و»عيون عليا» كانا سببا قويا لدى الطلاب للحضور الى مدارسهم بتلك الشعور الطويلة المتدلية من على كتوفهم باشكالها المتنوعة.
يقول الطالب ماجد الدوسري ثالث ثانوي والذي منع من استلام كتبه الدراسية نظرا لطول شعره ان اطالة الشعر من عادات الرجال والقبائل وان فرسان القبائل والرجال الصناديد هم من يربون شعورهم فلماذا انتم تمنعوننا من تربية شعورنا في المدارس وانتم تشاهدون ابطال المسلسلات البدوية جميعهم يطيلون شعورهم.
الا ان زميله محمد المري والذي كان شعره يغطي اكتافه قال ان اطالة الشعور للرجال من سنة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده لذلك فهم يطيلون شعورهم اقتداء بالنبي واصحابه والذين نشاهدهم في المسلسلات الاسلامية في التلفزيون.
اما في احدى المدارس الثانوية فقد اكد احد المعلمين ان الكثير من الطلاب من هواة تربية الشعور قد فاجأوهم بقصة واحدة لمجموعة من الطلاب وعندما سألوا عنها قيل انها قصة «مهند».
ومن خلال ما سبق يتبين لنا هذا التأثير الكبير للمسلسلات التي تتنافس الفضائيات العربية على بثها فقد تركت تأثيرا سيئا على سلوك الطلاب بالمدارس بحيث اصبحوا يقلدونها وينادون بعضهم باسماء ابطال المسلسلات مما اثر تأثيرا سيئا على سلوكهم في المدرسة وداخل الصفوف اضافة الى تدني تحصيلهم العلمي خلال هذه الفترات.
احد المعلمين في مدرسة ابتدائية خاصة فضل عدم ذكر اسمه اكد ان تقمص الطلاب من الصف الاول ابتدائي للصف الرابع ابتدائي لشخصيات مسلسل باب الحارة ومسلسل نور التركي بات واضحا بشكل كبير من خلال تصرفاتهم داخل الصفوف ووقت الفسحة في المدرسة، واضاف انه يشاهد الطلاب يستخدمون (المساطر) لضرب بعضهم البعض تيمنا بالنموذج الذي شاهدوه بمسلسل باب الحارة والمتمثل بلغة القوة واستخدامها بصورة متكررة.
واكد المعلم ان الطلاب وقعوا ضحية تساهل الاهل في السماح لابنائهم بمشاهدة هذه المسلسلات خاصة خلال شهر رمضان المبارك بالرغم من ان الاوقات التي كانت تعرض بها هذه المسلسلات هي اوقات يفترض ان يقضيها الطالب مع اهله في جو اسري يتبادلون خلاله الزيارات والاحاديث والمسامرات العائلية.
ابطال العديد من المسلسل التي عرضت في رمضان وغيرها اصبحت ألقابا بين الشباب في المدارس فلا تستغرب اذا سمعت الطلاب يطلقون على احدهم «الفطين» او «ابوعصام» او «مهند» او «العقيد ابوشهاب» او غيرها من اسماء الشخصيات التي شاهدوها في تلك المسلسلات واصبحت هذه اسماء الطلاب الجديدة التي يجدون فيها المتعة والفرح وهم يطلقونها ويقلدونها ولو كان ذلك بطريقة خاطئة ومؤذية.
طالب في مدرسة متوسطة وجد معه كتاب لتعلم اللغة التركية كان قد احضره ليتفشخر به على زملائه ويؤكد لهم حرصه على تعلم هذه اللغة حتى يتابع المسلسلات التركية بدون ترجمة، هذا الطالب اكد المعلم الذي علم بان الكتاب له بانه طالب فطين وجيد في اللغة الانجليزية والعربية ولديه سرعة في البديهة وممكن ان يتعلم هذه اللغة بسرعة ولكن اكد ان هذا الطالب من الطلبة سريعي التعلق بالمشهورين من اللاعبين والمغنين والممثلين وغيرهم وهو سريع التأثر بكل مشهور.
المرشد الطلابي بثانوية طيبة محمد الدعليج والذي يؤكد خطورة هذه الظاهرة التي تتكرر بين الاطفال، وقال ان المسؤولية مشتركة بين الاهل الذين يشاهدون هذه المسلسلات بشغف كبير وبين الفضائيات التي تعرض هذه المسلسلات وتقدم صورا عن حياة خيالية وخاصة ان هذه الفضائيات تعيد عرض هذه المسلسلات بأوقات مختلفة بحيث لا مهرب من مشاهدة الاطفال لها امام السماح لهم بالتنقل من فضائية الى ا*** دون رقابة.
ويشير الدعليج الى ان الاطفال يميلون الى تقمص الشخصيات المحببة لهم ويرغبون بتقليدها وقد تكون شخصيات هذه المسلسلات هي الاقرب لهم اكثر من آبائهم الذين يرونهم لفترة قصيرة خلال اليوم بينما يكررون مشاهدة هذه الشخصيات باوقات مختلفة من يومهم.
ويدعو لايجاد حلول لهذه الظاهرة من خلال التعاون بين الاهل وبين ادارات المدارس التي تشعر ان طلابها يقدمون على تقليد هذه الشخصيات وتقمص ادوارها من خلال التوعية وجلسات الارشاد وبيان خطورة تقليدهم لشخصيات بعيدة عن الواقع الذي نعيشه مؤكدا على ان هناك ايضا مسؤولية كبيرة على هذه الفضائيات التي تعيد بث المسلسلات باوقات مختلفة يكون الطفل بها مستيقظا ويمكنه ان يشاهدها.
واوضح الدعليج انه في ظل غياب القدوات الحقيقية في البيت والمدرسة امام هؤلاء الطلاب اصبحوا يرون في ابطال المسلسلات والممثلين واللاعبين وغيرهم القدوات لهم ولذلك فهم يتقمصون هذه الشخصيات والتي اصبحت هي الشخصيات المحببة لطلاب المدارس يتقمصونها في الحارة واثناء لعبهم وخلال الحصة او الاستراحة ما يؤثر سلبا على منظومة القيم والتي تبذل الاسرة جل جهدها لتعليمها لاطفالها فتفقدها في شهر واحد.
ودعا الدعليج في نهاية حديثه اولياء الامور الى ضرورة تربية ابنائهم التربية الصالحة وان يكونوا لهم القدوة الصالحة حتى يتقمصها الابناء كما دعا المعلمين الى الالتزام بالاخلاق والحكمة والاخلاص في العمل حتى يكونوا قدوة لطلاب المدارس فترجع لهم هيبتهم ومكانتهم التي سلبت منهم كمعلمين.
اما الطلبة فسينتظرون قدوم شهر رمضان العام القادم لاستكمال مسيرتهم مع هذه المسلسلات وشخصياتها خلال الشهر الفضيل ما لم نتنبه ونتساءل عن الانموذج الذي نقدمه لاطفالنا ونحن نترك لهم حرية المشاهدة ونزعم اننا نمتلك القدرة على ضبط سلوكهم بعد ذلك سواء داخل المنزل او في المدرسة او في الشارع!.